داء كرون والتهاب القولون التقرحي

 

هل عليّ تناول الدواء أم لا، هذا هو السؤال

زرتم الطبيب وتذمرتم من شكوى معينة، وكنتم مقتنعين أن الحديث يجري عن ظاهرة عابرة، مثل فيروس موسمي، أو عبء مرحلي. ولكن بعد اجتيازكم عددا من الفحوص، يخبركم الطبيب أنكم تعانون من مرض مُزمِن، يتطلب علاجا ثابتا. مرض لا علاج تام له، ولكن يمكن معالجته بهدف تقليل الأعراض المزعجة، موازنته، اعتراضه، أو إبطاء وتيرة تقدمه. يشكل الانتقال من كون "الإنسان سليما يعاني من مرض" إلى كونه "مريضا بمرض مزمن ويحتاج إلى علاج ثابت" تغييرا ليس مخططا له مسبقا. لا أحد يرغب فيه وليس من السهل دائما تقبّله وتطبيقه.
ولكن من ناحية فعلية، كلما ازداد متوسط العمر، أصبح معظم الأشخاص يعانون مع مرض مُزمِن كهذا أو غيره. ما يميز الأمراض المزمنة هو الحاجة إلى علاج دوائي كهذا أو غيره، وعلى ما يبدو، قد يستمر طوال العمر. حتى إذا لم يشكل العلاج مشكلة بحد ذاته، فإن حقيقة معرفة الحاجة إلى التعلق بتناول الدواء بشكل يومي ليست مريحة.
بعد عدد من الأشهر أو حتى سنة منذ بدء تلقي العلاج، يستيقظ أشخاص كثيرون ويشعرون بشعور جيد، خال من الآلام، والأحاسيس المختلفة، ويتساءلون إذا كان يتعين عليهم متابعة العلاج. ربّما أصبح المرض متزنا بحيث لا يتطلب علاجا كهذا؟ فقد مر وقت طويل منذ التشخيص، وربما يشير نقص الإصابة بالنوبات إلى أن كل شيء على ما يرام، لهذا يمكن وقف العلاج؟
بهدف اتخاذ قرار حكيم حول متابعة العلاج يجب الإجابة عن الأسئلة الثلاث التالية: ماذا، كيف، ومتى.

 

ماذا؟
يتطرق إلى فهم ماهية العلاج وماهية المرض. ما هو المرض الذي أعاني منه، ما هو الدواء الذي أتناوله، كيف يؤثر، كيف يعمل في الجسم، أو كيف يؤثر في أعراض المرَض. ما هي أعراضه الجانبية؟ ما هي المدة المطلوبة لتلقي العلاج؟ في أية حالات يجب إيقاف العلاج فورا؟

كيف؟
يتطرق إلى الطريقة التي يمكنني حسبها كمريض معرفة أن الدواء يؤدي عمله. بكلمات أخرى، ما هي العلامات أو الإشارات التي تشهد على أنه يجب عليّ متابعة العلاج. قد تكون هذه العلامات علامات موضوعية، مثلا، فحوص الدم أو فحوصات التصوير الطبي التي تشهد على أن المرض متوازن، أو أي فحص آخر يشير إلى نجاح العلاج، أو علامات غير موضوعية، مثلا: شعوري العام كمريض: يمكن أن نشعر بتغيير نحو الأفضل في جسمنا الذي يشهد على أن العلاج يؤثر. يجدر التأكيد على أنه قد لا يشعر المريض بأنه طرأ تحسن، ولكن قد لا يتفاقم مرضه أيضا. فهذا إنجاز جيد يجدر أخذه بالحسبان أيضا.

متى؟
يتطرق إلى النقطة الزمنية التي يُفترض أن يشعر المريض بحسبها بفرق بشعوره العام، بفضل العلاج. بكلمات أخرى، ما هي المدة الزمنية المطلوبة لكي يصل تأثير الدواء إلى الذروة. من المهم التذكر، أن هناك علاجات يمر وقتا حتى تُحدث التغيير المنشود، ولا يطرأ التحسن فورا، حتى إذا كان هذا هو أملنا. حتى يصل تأثير الدواء إلى الذروة، قد لا يشعر المتعالج بفرق، وحتى أنه قد يختبر تفاقم في حالته إلى حد معيّن. لا يجوز التسرع والحكم بعدم نجاح العلاج.
إن ملاءمة التوقّعات بين المتعالج والطبيب المعالج ضرورية لنجاح العلاج، وهي تستند إلى حوار يتيح عرض هذه الأسئلة بشكل واضح. وربما الأهم من ملاءمة التوقعات مع الطبيب، هو ملاءمة التوقعات الذاتية. علينا معرفة وإدراك حالتنا، وفهم كيف علينا التصرف بشكل يساعدنا.

 

الأعراض الجانبية للعلاج الدوائي

نحن نخشى من الأعراض الجانبية. لا أحد يفتح رزمة دواء تم وصفها له مؤخرا، ولا يتسرع لقراءة نشرة الدواء للمتعالج التي توضح الأعراض الجانبية المتوقعة. إن نقص المعرفة حول الأعراض الجانبية يؤدي أحيانا إلى ألا يبدأ المرضى بتناول العلاج الدوائي الذي وصفه لهم الطبيب مؤخرا. بالمقابل، إن ظهور الأعراض الجانبية يؤدي إلى أن يقرر المرضى وقف العلاج بناء على قرار شخصي فقط، حتى إذا لم يكن هناك مبرر طبي حقيقي لذلك، وكان يمكن متابعة العلاج رغم الأعراض الجانبية.


العارض الجانبي هو رد فعل غير مرغوب فيه أو ضار قد يحدث عند تناول أدوية بجرعات عادية. وذلك، خلافا للتعرض لسمية التي تحدث نتيجة تناول الدواء بجرعات عالية جدا أو حدوث سمية بسبب التفاعلات بين الأدوية المختلفة التي يتناولها المريض في الوقت ذاته. يتم تصنيف الأعراض الجانبية وفق حدتها، إذ إن هناك أعراض جانبية طفيفة أو أعراض جانبية متوقعة مقارنة بأعراض حادة. ثمة تصنيف آخر، وهو يتطرق إلى مستوى انتشار الأعراض الجانبية: بدءا من أعراض منتشرة جدا وصولا إلى أعراض نادرة جدا.


ليس من المهم كيف ننظر إلى هذه الأعراض، سواء كان الحديث يجري عن أعراض جانبية نادرة جدا أو طفيفة جدا، يجري الحديث عن سمعة سيئة لهذه الأعراض بين المرضى. فهي تعتبر غالبا أعراض جانبية سلبية تحدث نتيجة العلاج الدوائيّ.


هل هناك سبب جيد دائما لكل هذا الخوف والقلق؟ عند بلورة الإجابة الشخصية لكل مريض، يُستحسن أن ننظر إلى الصورة الشاملة، المعروفة للأطباء والتي تميز الواقع العلاجي في عصرنا الحالي.


أولا، فيما يتعلق بالخوف. تسبب الأعراض الجانبية التي يسمع عنها المرضى من الأصدقاء أو يقرأون عنها في مواقع التواصل الاجتماعي الخوف لديهم. من المهم، معرفة أن ما حدث لدى المرضى الآخرين، لدى صديق قريب من أحد الأصدقاء، أو ابن العم الذين التقيت بهم صدفة لن يحدث لديكم بالضرورة. لمزيد المعرفة، حتى إذا تلقى توأم شبيه دواء شبيها لعلاج مشكلة شبيهة، هناك احتمال عال ألا تظهر الأعراض الجانبية التي قد يعاني منها أحد التوأمين لدى التوأم الآخر. لذلك، يوصى بعدم تبني احتمال حدوث الأعراض الجانبية لدينا إذا حدثت لدى الآخرين.
ثانيا، اعتبارات الثمن - الفائدة. في جزء ليس قليل من الحالات تكون الأعراض الجانبية عابرة. لهذا، عند التفكير في الثمن، الأعراض الجانبية، والفائدة التي هي التأثير المرغوب فيه للدواء، يستحسن أحيانا متابعة العلاج رغم الأعراض الجانبية. في حالات كثيرة، يجري الحديث عن عارض جانبي على الأمد القصير ويمر لاحقا. حتى عندما يجري الحديث عن أعراض جانبية ليست عابرة، يمكن مواجهتها من خلال تغيير جرعة الدواء، وتيرة تناول الدواء، ويجب أن يحدث كل هذا وفق تعليمات الطبيب فقط. فضلًا عن ذلك، من المهم التفكير في تغيير نمط الحياة.


هناك نقطة أخيرة وربما هي الأهم. في حالات معينة، تشكل الأعراض الجانبية مؤشرا على أن العلاج الدوائي يؤثر حقا. في مثل هذه الحالات، يميل الأطباء إلى التوضيح للمرضى أنهم يأملون تحديدا حدوث أعراض جانبية، كدليل على نجاعة العلاج.

 

تاريخ آخر تحديث: